العنصرية عند الأطفال بين الأسباب وأهم النصائح
العنصرية عند الأطفال بين الأسباب وأهم النصائح، لولا شجاعة الناشطة الأمريكية الأفريقية روزا باركس، التي رفضت ترك مقعدها في الحافلة لراكب أبيض، لكان العالم ما زال مقسمًا إلى فصائل بناء على اللون. اليوم، نحن نسعى لتعليم أطفالنا قبول الآخر بغض النظر عن الجنس، اللون، العرق، أو الدين. قد نرغب في تعليمهم كيفية مقاومة التمييز أو التكيف مع تحمل الآخرين للتمييز، لكن عالمنا الحالي هو عالم متنوع. تعمل المجتمعات المتقدمة بجد لتحقيق التكافؤ بين البشر على أسس إنسانية. يتعين على هذا العالم أن يرفض العنصرية لضمان استمراره والحفاظ على تحقيقات الحضارة. يجب أن ينظر إلى العنصرية كتهديد كبير يمكن أن يؤدي إلى فترة مظلمة من الحروب والكوارث الاجتماعية.
تمهيد لمفهوم العنصرية
المحتوى
كانت العنصرية في الماضي شيئًا طبيعيًا للأطفال، حيث كانت تُعتبر جزءًا من تربيتهم في مجتمع يسعى للحفاظ على الفوارق العرقية والدينية والاجتماعية. كان السائدون يعملون على تعزيز ذلك من خلال منع الأقليات أو المختلفين من دخول المواقع التي قد تجعلهم يظهرون كمنافسين أو متساوين. كانت الحكومات تدعم هذه النزعة بواسطة قوانين الفصل بين البيض والسود، وبين المواطنين والأجانب، وحتى بين الأغنياء والفقراء، وحتى في حقوق المدن مثل الانتخاب والترشح، وفي العمل والتعليم مع انهيار اليمين المتطرف في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ الأوروبيون في إعادة التفكير في فاعلية العنصرية بخجل، وجاءت انتفاضة الأفارقة في أمريكا لترسم ملامح جديدة لرفض ونبذ العنصرية. يُعتبر إشعال فتيل الانتفاضة من قبل روزا باركس، واحدة من أهم الأحداث التي فتحت الباب لمحاربة العنصرية على مستوى العالم إذا كان البيض ورثوا تاريخًا طويلًا من ممارسة العنصرية، فإن هذا لا يعني أن ممارسة العنصرية أو الخضوع لها ميزة فطرية ثابتة للون أو لعرق معين، بل إن هذه النظرة بذاتها تجسيد وقح للعنصرية.
مظاهر العنصرية عند الأطفال
غالبًا ما يكون الاختلاف هو الدافع والمحرك الرئيسي للعنصرية، حيث ينطلق الأطفال في استكشاف عوالمهم المتنوعة بالتساؤل عن اللون والشكل والمسميات، وتعتمد تصرفاتهم المستقبلية على الإجابات التي يحصلون عليها من هنا، سنناقش كيفية اكتساب العنصرية وتظهر عند الأطفال في عدة مظاهر:
- التنمر وإساءة المعاملة: يعتبر التنمر سلوكًا شائعًا بين الأطفال، وعندما يكون مبنيًا على خصائص عرقية أو دينية أو اجتماعية، يمكن أن يؤدي إلى تعزيز العنصرية.
- رفض التعامل مع المختلفين: يميل الأطفال العنصريون إلى رفض التفاعل مع الأفراد الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة، مما ينتج عنه تعلم صفات سلبية تجعلهم يتجنبون التعامل معهم.
- الدخول في تحالفات: يمثل التحالف القائم على اللون أو العرق أو الفئة الاجتماعية سلوكًا شائعًا بين الأطفال، ويتغذى هذا السلوك عن طريق النمط التربوي.
- التحيز: يمكن أن يظهر التحيز نحو أبناء اللون أو العرق أو الفئة على شكل تفضيلات، ويمكن أن يؤدي في المستقبل إلى سلوك عنصري دائم لدى الطفل.
أسباب العنصرية عند الأطفال
أظهرت الأبحاث أن الأطفال البيض في سن الخامسة يظهرون تفضيلًا ضمنيًا للأفراد ذوي لون بشرة مماثل، ويصبح هذا التفضيل أقل عندما يكبرون، وذلك على الرغم من عدم إظهارهم رفضًا صريحًا للأفراد ذوي بشرة سوداء. تبين هذه النتائج أن العنصرية ليست سلوكًا فطريًا، بل هي نتيجة لتأثيرات اجتماعية تطورية في الإنسان، مثل قلة تفاعل الأطفال الأصغر سنًا مع الآخرين.
من بين العوامل التي تعزز العنصرية لدى الأطفال يمكن تحديدها كالتالي:
- إهمال تعليم الأطفال نبذ العنصرية: عدم توجيه الأطفال لتعلم قبول الاختلاف ونبذ العنصرية يمكن أن يشجع على سلوك عنصري، فإهمال تعزيز ثقافة الاندماج مع الآخرين يمكن اعتباره نوعًا من أنواع تعليم العنصرية
- التربية المنزلية والمدرسية: يلعب النمط التربوي الذي يتبعه الأهل والمدرسة دورًا رئيسيًا في تشكيل وجهات نظر الأطفال حيال العنصرية، فعدم توجيه الأهل للأطفال حول التعامل المتساوي مع المختلفين يُغَذِّي سلوك العنصرية.
- ثقافة الأطفال: يكتسب الأطفال العديد من المفاهيم والمعتقدات من خلال التفاعل مع الوسائط والشخصيات المختلفة، ويمكن أن تسهم الصور النمطية والتمثيل الذي لا يتناسب مع التنوع في ترسيخ مفهوم العنصرية في نظرة الأطفال.
لذا، يجب توجيه الأطفال نحو فهم الاختلاف وتعزيز قيم التعايش ونبذ العنصرية في مراحلهم العمرية المبكرة.
نصائح لحماية الأطفال من العنصرية
مواجهة العنصرية ليست مسؤولية فردية فحسب، بل هي مسؤولية تربوية واجتماعية وحكومية. يجب على المجتمعات التي تحرم أفرادها من حقوق متساوية بناءً على الفروق العرقية التركيز على تعزيز المساواة والعدل في الأنظمة الاجتماعية. يتطلب تربية الأطفال على نبذ العنصرية جهودًا مشتركة من الأهل والمربين، وفيما يلي بعض الخطوات الهامة:
- الحديث المبكر عن العنصرية: يجب بدء الحديث مع الأطفال حول الفروق العرقية والفئوية في سن مبكرة، مع التركيز على القيم الإنسانية المشتركة.
- تجنب التعابير العنصرية: يجب على الأهل تجنب التعابير العنصرية والتحلي بالتسامح والاحترام تجاه الآخرين.
- فهم النمط التربوي: يؤثر النمط التربوي الذي يتبعه الأهل بشكل كبير في تشكيل آراء الأطفال حول العنصرية.
- توعية الأهل بالقضايا العنصرية: يجب على الأهل تحديث معلوماتهم حول القضايا العنصرية لتمكينهم من التحدث مع أطفالهم بشكل فعّال.
- تشجيع التفاعل مع المختلفين:يساعد تشجيع الأطفال على التفاعل مع أقرانهم المختلفين في بناء جسور التفاهم وتقبل الاختلاف.
- تعزيز الوعي بالعدالة الاجتماعية: يساهم الحديث عن مفاهيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان في بناء وعي قائم على العدالة والمساواة.
- التفاعل مع المدرسة والمجتمع: يتطلب التعاون مع المدرسة والمجتمع لتعزيز بيئة تربوية تنبذ العنصرية وتعزز التعايش السلمي.
- المراقبة والتوجيه: يجب على الأهل مراقبة تصرفات أطفالهم وتوجيههم في حال ظهور أي مظاهر عنصرية، والبحث عن المساعدة الاحترافية إذا لزم الأمر.
- تشجيع النقاش:ينبغي تشجيع الأهل على فتح قنوات النقاش حول العنصرية والتحدث بصراحة حول التحديات التي يمكن أن يواجهها أطفالهم.
- المشاركة في المبادرات الاجتماعية: يسهم المشاركة في المبادرات والفعاليات التي تعزز التوعية بالتنوع وتنبذ العنصرية في تشكيل وجدان الأطفال.