رواية.. ساحة المدرسة
ساحة المدرسة حيث يكون الازدحام شديدا دائما و الجو حارٌ دائما بشكل لايطاق حرٌ يتخلله بعض النسيم المنعش بين الفنية والأُخرى ، نسيمٌ اتمنى ان يطول اكثر فهو يأتي ويختفي قبل ان يرتد اليّ طرفي ليته يطول اكثر فلعله يعيد لي بعض شتات روحي الذي تناثر.
هكذا يطالما كانت نظرتي لهذه الساحة لكنّ هذا اليوم كان يوما مختلفاً كثيرا كان يوماً للتغير بما تعنيه الكلمة من معنى
حيث أُخبر صفنا ان الحصة الثانية ملغية لسببٍ ما لا اذكره ربما كانت المعلمة غائبة او مشغولة لا أذكر المهم ان المشرفة الإدارية أجبرتنا على النزول لذات الساحة الخارجية للمدرسة و أخبرتنا ان بإمكاننا ان نصدر القدر الذي نريده من الازعاج وان نلهو كما نشاء.
خَبرٌ كهذا مفرحٌ للطلبة الذين يملكون مهارات التواصل او قدرًا ميسورا من الثقة او الذين يملكون أصدقاء أمّا انا فلا انتمي لأيِّ منهم فلم يكون الخبر باعثا للفرح بالنسبة لي وقتها ابدا بل بالعكس فالآن عليّ خوض ما لا أقوى الخوض فيه، على اي حال لم يكن الخيار خياري فقط سرت مع باقي فتياتِ فصلي او بالأحرى خلفهن
وإن كنت تتسائل أين هاتشي؟
هاتشي لا تزال حولي ولكني لم أعد آراها
لم أُرِد ان اكون وحيدة، ولكني لم أُرِد هاتشي ايضًا، كرهته كرهت ذلك الجو حولها الذي يجبرني على التصنع،
لا حديث اخوضه معها يشبهني
لا شيئ سوى تصنع مقيت.
لذا اجل كنت أنزل السلالم خلف الفتيات وانا أشعر بشيء من الوحدة فقد كان بالي سارحًا يتفكر في المحاضرة التي انتهت قبل قليل إذ كانت الحصة الأولى لإحدى المعلمات المفضلات لديّ انها المعلمة كيري، بعض الفتيات لم يحببنها لأنها صارمة بعض الشيء ولكنها حنونة للغاية وحريصة علينا وطيبة جدا مع من ترى حرصه واهتمامه مثلي لذا كنت احبها
ولطالما كانت دروسها مؤثرة وملهمة جدا بالنسبة لي ومهمة ايضا
كهذا :
المعلمة كيري: ضَرب العلماء مثلا لسير الانسان المؤمن في طريقه إلى الله بالطائر الذي يرتفع من الأرض فيحلق في السماء الواسعة، ولكن تحليقه لن يستقيم له إن لم يستقم رأسه وجناحيه فبِهم يتحكم في اتجاهه فيصل إلى وجهته، وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص، وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت.
فضربوا لنا الرأس بمحبة الله والجناحين بالخوف و الرجاء
فمحبة الله هي المحرك والباعث للعمل
اما الخوف و الرجاء وحدهما فلا يحركان الانسان للعمل كما يجب.
فالرجاء حادٍ يحدو القلوب إلى بلاد المحبوب؛ وهو الله والدار الآخرة، ويطيّب لها المسير، و الخوف زاجر عن محارم الله وبه يبصر الخير و الشر، فإن زيد الخوف عن هذا خيف منه اليأس و القنوط
بوضع هذه الثلاثية في نصابها فقط عندها يستقيم السير وإلا سقط الانسان وانتكس وتهشمت اجنحته وجرح رأسه فهيهات كيف له التحليق ثانيةً.
وقد علمتم ان لا سبيل للوصول دون محبة الله وحده محبةً ليس كمثلها شيء وجعلها على رأس كل شيء.
اخيرا امرٌ مهم ضعنه حلقةً في أذانكنّ : أنّ دواء الرجاء يستعمل لشخصين اثنين
الأول : غَلب عليه اليأس حتى ترك العبادة.
والثاني :غلب عليه الخوف حتى أضر بنفسه وأهله.
فأما العاصي المغرور المتمني على الله _مع الإعراض عن العبادة فلا ينبغي أن يستعمل في حقه إلاّ أدوية الخوف، فإن أدوية الرجاء تُقلبُ في حقه سموما، كما أن العسل شفاءٌ لمن غلبت عليه البرودة مُضرٌّ لمن غلبت عليه الحرارة. وقد قالها عليٌّ رضي الله عنه :(إنما العالم الذي لا يقنِّط الناس من رحمة الله، ولا يؤمِّنهم مكره).
ما ان انتهيتُ إلى ذات الساحة الخارجية ذات النسيم الحار فور ما عَرَضَتْ عليّ هاتشي ان تشتري لنا عصيرا من المقصف، فبالطبع لم ارفض، و وقفت انتظرها بمكانٍ غير بعيد بينما تحيط بي هالة من الكآبة القاتلة الناتجة عن الاضطراب و القلق بينما احاول مصارعة هذه المشاعر وطردها بالتفكير بدرس الأستاذة كيري وكيف اطبقه فقد لامس قلبي فعلا بأن عليّ العمل بما تعلمت لعل ربي ان يقربني اليه وان يحقق لي مبتغاي.. .
فجأةً وقعت عيني على بضعٍ من فتيات صفنا يجلسن متحلقات حول فتاةٍ تدعى رون لم أكن اعرفها جيدا ولم اهتم بها قبلا ولكن فجأةً ومن دون سابقِ إنذار، في ذلك اليوم، منظر الفتيات وهن مُتَحَلِّقات شدني بقوة، بَدَين لطيفات جدا، شعرت اني الآن وهنا، عليّ ان انضم لهن، ففور ما أمسكت بالعصير أشرت لهاتشي بأن نذهب ونجلس معهن، ولا أعلم كيف حملتني قدماي واقتربت منهن، وانتبهن لي سريعًا فأفسحن لي.
رون :
_قصته عن بشرٍ يسكنون داخل أسوارٍ ارتفاعها خمسون مترا وهم آخر من تبقى من البشرية الناجية، وسبب كونهم على حافة الانقراض هم العمالقة آكِلوا البشر الذين يسكنون ما تبقّى من الكرة الأرضية خارج الاسوار
سألتْ فتاة ما :
ماذا تكون هذه السلسلة؟
أجابت رون بشغف :
انمي، انمي هجوم العمالقة
سألتُ رون بخجل محاولةً ان انخرط في الجو :
رون، ماهو تصنيفك المفضل؟
حسنًا… لنرى….
لم تُتِح لها هانا _والتي كانت تجلس بقربها_ وقتًا للإجابة وقاطعتها :
تصنيفي المفضل هو الرومنسي، المدرسي ربما
ريني: هذا ما تفضله اختي أيضًا.
ثم اكملت رون سردها الشيق كنت منغمسةً فيه بالفعللل ومنبهرة من تذكرها لكل التفاصيلِ فقط عن طريق مشاهدة الحلقات! حتى انني لم أشعر بمرور الوقت او حتى بمغادرة كثير من الفتيات للمجلس و (حتّى أنّي لم أُلقي بالًا لزوي التي كانت تجلس قريبا مني)! او لهاتشي التي ضجرت وغادرت بالفعل
هكذا لم يتبقّى سواي انا و رون وهانا وساكي بالإضافة لزوي أيضا التي لم يبدو عليها الاهتمام بالأنمي لذاته….
ربما ما جعلني أنغمس مع رون كثيرا هو تركيزها ونظرها إليّ باستمرار، حتّى علّقت زوي على ذلك :
روون لماذا تنظرين لريني فقط ألاتريننا جميعا
ضحكت رون ونظرت إلى السماء ثم إليّ ثانيةً بابتسامةٍ عريضة تبرز أسنانها البيضاء وقالت وهي باسِطة كفيها بشكل رأسيّ :
لأني أحب من ينظر اليّ بتركيييز وانا اتحدث وهي اكثر واحدة تبدي هذا الاهتمام لما اقول
نظرها لي وابتسامُها في وجهي بلغ منِّي مبلغًا، كلماتها أصابتني بتوترٍ حقيقيّ جعلني أُتأتئ ولا أعي ما سمعت لذا ابتسمت ابتسامةً خجول وأشرت إلى نفسي متعجبة
أأنا!؟
ضحكت من ردي بلطف وأشارت أن نعم
في ذات اللحظة هبّت أخيرًا ريحٌ لطيفة تطايرت معها خصلات شعرها فبدت كأنها تتراقص مع لحن ضحكاتها بينما شعرتُ انا ان هذا النسيم بدأ يعيد لي شيئًا من شتات نفسي، وشعث قلبي الذي تناثر، بأنه هناك امل له، لهذا القلب، بأن يرمم وان ذلك الفراغ قد يُسد حقا.
وهكذا دق جرس انتهاء الحصة.
كانت هذه أول مرة أشعر فيها أن الوقتَ مرّ سريعًا في هذه الساحة! ، و بينما نحن عائداتٌ إلى الصف كانت ساكي تصر على رون بأن تكمل لنا القصة بعد انتهاء الحصص _اي في وقت الانصراف _
وهذا ما كنت ارجوه وماكانت تُكِنُّ به نفسي مع اني لم اجرُأ على البوح به، وبالفعل حالما انتهت الحصة الأخيرة أسرعت ساكي تجرّ رون نحوي وهي تقول :ريني انتي أيضا تريدين سماع باقي القصة صحييح؟!
اجل، أود ذلك!
رون: حسنا اذن لا مفر ما دمتن مُصرات
ساكي :رائع!
هذه المرة لم أسر خلف احد ولم أتكلف شيئا بل كنّ هنّ من أخذنني معهن بكل سهولة!
سرنا نحن الأربعة انا و رون، هانا، و ساكي حتى وصلنا إلى باب مبنى المدرسة الكبير الاخضر و الذي يُخرج للساحة فاصطدمت أشعة الشمس بوجهي فعدت خطوةً للوراء ورفعت يميني لأحمي عينيّ منها ومن الازعاج والزحام المصاحب لنهاية اليوم الدراسي والذي يصيبني بنفس الاضطراب المُعتاد لمثل هذه الاجواء لكنه
انجلى سريعا!
بعد أن أمسكت هانا بيساري وسحبتها نحوها وقالت وهي تبتسم في وجهي:
هيا ريني، لا تتأخري عنا
فأزحت يدي عن وجهي فلم أجد أشعة الشمس المؤذية بل وجدتهن يقفن لانتظاري!.
رون : اعرف مكانا لطيفا، لنجلس فيه.
ابتسامات دافئة، نظرات عيونهن المتلألئة اللطيفة، جلوسهن قربي، الأرواح هي التي كانت قريبة اكثر من أجسادنا!
وسط أشعة الشمس المتفرقة حولنا والتي لم تعد تؤذيني بل أصبحت دفئا لرجفات قلبي
اليوم بدأ حبي للصيف!
ساكي : ياه فرق شاسع بين الجو هنا من داخل المبنى
هانا : هذا بسبب أجهزة التكيف التي لا تنطفأ بالداخل
ساكي : لماذا لا يركبون بعضها هنا؟
رون : هذا لا يمكن!
ساكي : لما لا
رون : لأنه مستحيل!
ساكي : لماذا؟
رون: هكذا
لم استطع تمالك نفسي وضحكت من حوارهن حتى دمعت عيناي لم ادري أكان مضحكًا لهذه الدرجة؟ ام ان روحي هي من كانت سعيدةً لهذه الدرجة؟
بدأت رون بالضحك على إثري ثم جميعهن ولم نتوقف حتى آلمتنا أمعاؤنا
قالت ساكي والضحك يتخلل كلامها:
مهلا ولكن لماذا نحن نضحك اصلا؟
هانا : لا أدري
فعاد الجميع يضحك و يصفق بشكل هستيري
وبعد أن هدأنا للحظة وأُجبرت رون على إكمال السرد من قبل ساكي
كان من وسط سردها :
فأمسك البطل زجاجة من على الأرض وحطمها على رأس ذلك الرجل وقال له أيّها الأحمق!
قاطعتُها مقاومةً تردُدِي : أتعنين..Paka/パカ صحيح
ضحكت رون و أجابت بحماس بعد أن عَدّلَت جلستها ورفعت نبرة صوتها : ريني! تعاليّ إلى هنا! لم تخبريني من قبل انكِ تحبين الانمي أيضا!
ريني : ألم افعل
رون : لا، اذن ماهي الانميات التي تتابعينها أيضا؟.
كان الحديث معها ممتعا جدا ومع هانا أيضا لم أتصور يوما أنّي انا ريني سأستمتع يوما بالحديث مع احد او ان احدًا قد يحب الحديث معي ويستمتع معي وانا على طبيعتي دون تصنع دون تكلف دون قلق او اضطراب لكن قرقعة المعدة لم تتوقف كانت وخزات تصيبني من فرط السعادة
لا أنسى ساكي التي كانت تجلس وتعلق على حديثنا الى ان قالت : في الحقيقة انا لم اتابع اي انمي من قبل ولكنه يبدو ممتعا، سأجرب متابعة انمي هجوم العمالقة هذا
ريني : وانا ايضا سأشاهده اليوم
رون : اجل حتمًا شاهدنه!