قصص و روايات

رواية.. قلبي شتاء

آآآه لقد كان يوماً طويلا, صعباً وشاقاً. في الجامعة أمضيت الوقت كله افكر بها. لم استطع التركيز على ما يقوله الأستاذ. لم أدون أي حرف وحتى أنني لم انتبه الى حديث زملائي عن الامتحانات.

بكل بساطة, لم أكن هناك. كان رأسي غارقا في افكار لم تنتهي الى اللحظة. أين يمكن لها أن تكون يا ترى؟ كيف هو حالها الآن؟ هل تشعر بالبرد هل هي خائفة؟؟؟ جائعة؟؟؟ كيف ستعوض ما فاتها من الدروس؟ استيقظ وانتبه إلى أنه حان وقت الاستراحة. انهض لأسير نحو الباب.

من الواضح أني تعبت. أسير على غير هدى, و أتحدث بدون تركيز. يوم آخر من أيام الجامعة يذهب سدى. الى متى يا ترى سيستمر الحال على هذه الشاكلة؟ يا إلهي, اشعر انني افقد صوابي ولا شيء واضح. افكر طوال الوقت.

افكر في كل شيء. في كل كلمة قيلت امامي. افكر في كل سطر وكل نظرة. كل تلك الاحداث التي حصلت خلال تلك السنة والنصف الماضية. كل الأحداث تعود تظهر في خيالي من جديد طوال الوقت.

وخاصة تلك الحادثة المرعبة التي شكلت بدايات معرفتي ب سرور. تلك الحادثة التي ما زالت لغزاً يستحيل فكه. ما علاقة الفتاة المصرية بحادثة اختفاء سرور. سأروي الحدث على كل حال فلربما اكتشف شيئا جديداً كان مخفياً علي في السابق.

الوقت كان شتاء العام الماضي. وكنا في الفصل الثاني من السنة الدراسية الأولى. كان الجميع قد وجد له اصدقاء. كثير من الطلاب شكلو جماعات وفرق بحسب الاهتمامات أو بسحب الانتماء او حتى بحسب الطبقة الاجتماعية.

واحدة من اهم الجروبات التي كانت تسرق الأضواء, هو غروب فتيات ينتمين إلى الطبقة العليا. بملابس فارهة و حقائب باهضة الثمن, وهواتف حديثة. دائما ما كن يظهرن وكأنهن متفوقات على الجميع. كانت واحدة منهم تسمى الفتاة المصرية.

جاءت هي وعائلتها الى هنا منذ بضع سنين ثم بدأت بالدراسة معنا في هذه الجامعة. لم افهم ابداً لماذا تحتاج فتاة مثلها تمتلك عائلة غنية الى الدراسة في مثل هذه الجامعة الحكومية المتواضعة؟ كانت تستطيع الدراسة في واحدة من أشهر الجامعات الخاصة التي كنت أحلم بها ولكنها آثرت الدخول الى هذه الجامعة بالذات.

جامعتنا كانت محترمة وعلى مستوى وشهرة محلية وعربية مرموقة لكنها تبقى لا تُقارن بتلك الجامعات التي يتم التدريس فيها باستخدام الحاسب والبوربوينت. جامعتنا حتى لا تمتلك اي موقع على الانترنت.

نعم كانت تستطيع هذه الفتاة المصرية أن تتابع دراستها الأكاديمية في ارقى جامعات العالم. لم يكن هناك أي سبب يمنعها من ذلك. و لكن ها هي ذا هنا, تدرس علوم الاقتصاد والتجارة في جامعة حكومية متواضعة معنا, أي مع أولئك الطلاب الذين ينتمون الى الطبقة العاملة والمتوسطة. وهي كانت ذات جمال فائق او ربما بسبب بريق الغنى.

كان لها أنف يتجه دوما صوب السماء. وحينما تتحدث تشعر وكأنك تخاطب اميرة هربت من قصر بريطاني. لم اقترب منها مطلقاً كان الجميع يتحلق حولها ويطلب ودها في كل شيء. لم اكن ابداً بارعا في التملق.

لذا فضلت الاهتمام بدراستي فكيف لفتاة مثلها ان تهتم لأمري أو تنجذب لفكري؟؟؟ ولكن سرور كان لها قصة مختلفة مع الفتاة المصرية.

سأخبركم بهذه القصة و لتحكموا بأنفسكم حول الملابسات. كان الوقت شتاء العام الماضي وكنا قد انتهينا للتو من آخر المحاضرات. وكانت هذه المحاضرة هي آخر محاضرات الاسبوع. اي اننا على وشك الذهاب إلى العطلة.

كان الوقت متأخراً حتى اني استغربت من الساعة. كانت تشير إلى السابعة مساءً. وهذا وقت غير مألوف للبقاء على مقاعد الدراسة. و لكن يصبح الأمر مفهوما بالتفكير في العدد الكبير من الطلاب.

لذا لا بد لإدارة الجامعة أن تجد بعض الحلول لتخصيص القاعات بحيث تكفي الجميع. كان نصيبنا ان بدأنا اليوم الدراسي في وقت متأخر وتماما في الساعة الثالثة و انتهينا الآن اي في تمام السابعة.

كنتُ اتضور جوعا و اريد فقط ان احزم حوائجي و انطلق مع الباص الى المنزل, كنت انتقلت الى هذه المدينة وحدي, واستأجرت غرفة صغيرة في طرف المدينة. ما حدث هو أنني وأنا في طريقي لمغادرة الجامعة مع بقية الطلاب سمعنا صرخة قوية جاءت من قبو الجامعة.

صرخة واحدة كبيرة. الجامعة مطفأ, و القبو هو فقط للتخزين. نظرت حولي حتى اتأكد من ان الجميع قد سمع ما سمعت. نعم, الجميع كان يقف وآثار الصدمة تظهر عليه. ما تحرك من أحد. شاهدت بعض الفتيات يسرعن بالذهاب. هناك شابين يتحدثان عن أمر ما مع بعضهما.

ثم سمعت صوتاً صدر من الشاب الواقف بجانبي. قال لي بكل وضوح ورصانة: ماذا سنفعل الآن؟ هل نعود ام نتابع مسيرنا ونعرف في الاسبوع القادم اي بعد انتهاء العطلة ما الذي حدث؟ حاولت ان اقول شيئا ولكن صوتي لم يساعدني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى